العدل والحاضنة الشعبية: أساس بقاء الأنظمة السياسية
عدنان البداوي
عندما يفتقد النظام السياسي إلى الحاضنة الشعبية، يصبح كيانًا هشًا سرعان ما ينهار تحت وطأة الأزمات. فشرعية أي نظام سياسي لا تُستمد من القوة العسكرية أو الأجهزة الأمنية، بل من رضى الشعب وقبوله. الأنظمة التي تعزل نفسها عن تطلعات الناس وحقوقهم تتحول إلى كيانات ضعيفة مهما بدا أنها صامدة ظاهريًا.
العدل والمساواة هما ركيزتا الاستقرار لأي دولة. إذا ساد الظلم وتركزت السلطة في أيدي فئة قليلة، فإن هذا يزرع بذور السخط ويؤدي إلى شرخ عميق بين النظام وشعبه. العدل ليس شعارًا يُرفع، بل ممارسة تُطبق على الجميع بلا استثناء. عندما يُحرم المواطنون من حقوقهم، ويتعرضون للتمييز أو القمع، يصبح النظام مجرد بناء آيل للسقوط، مهما طال أمده.
النظام السوري بقيادة بشار الأسد يُعدّ مثالًا حيًا على ذلك. لعقود، بُني النظام على قمع الأغلبية وتهميشها، مستندًا إلى تحالفات ضيقة تحمي مصالح قلة على حساب الشعب. غياب العدالة، والانتهاكات المستمرة لحقوق الإنسان، والتمييز الطائفي، كلها عوامل فجّرت الغضب الشعبي، وكشفت هشاشة هذا النظام رغم قوته الظاهرة.
وإلى جانب افتقاره للحاضنة الشعبية والعدالة، اعتمد النظام السوري على القوى الخارجية لضمان بقائه. ولكن التاريخ يُثبت أن الاعتماد على الخارج ليس حلاً دائمًا. فالدول التي تتدخل لتحقيق مصالحها لن تضمن استقرار النظام، بل قد تتخلى عنه عند تغير موازين القوى. هذا الاعتماد يجعل النظام رهينة لقرارات القوى الدولية، ويضعف من سيادته على أرضه وشعبه، مما يعمق الفجوة بينه وبين مواطنيه.
تاريخ الأنظمة السياسية يؤكد حقيقة واحدة: القوة الحقيقية للنظام لا تأتي من السلاح أو الدعم الخارجي، بل من رضا الناس وعدالة مؤسساته. أي نظام يتجاهل هذا المبدأ محكوم عليه بالانهيار، لأن الشعوب قادرة، مهما تأخرت، على انتزاع حقوقها وبناء مستقبلها بعيدًا عن الظلم والاستبداد.