رسالة للحاضر الغائب..!!
بقلم خالد بركات..
من خاف الموت، لا يستحق الحياة، وهو لا
يدري أنّه في كلّ لحظة يموت آلاف المرّات..
كمال جنبلاط..
١٦ آذار ذكرى استشهاد المعلم كمال جنبلاط..
يا معلمي ماذا نخبرك، عن وطننا بعد ٤٦ عاماً على ذكرى استشهادك مع رفيقيك رحمكم الله
لكن ماذا نخبرك يا معلمي وانت الغائب الحاضر..
ماذا سنخبرك، وانت تسمع الآهات من الوطن..
ماذا عن الفقراء..الذين يزدادون، ألماً وجوعاً
ويفترشون الأرض،ويلتحفون السماء، لولا بعض الأيادي البيضاء، كتلك التي ولدت وترعرعت في دار الكرم وجيلاً بعد جيل، ستبقى مقصداً للمحتاجين والفقراء، وكما يقال :إن خلت خربت
ماذا عن الوفاء..الشعور بالمسؤولية أمام الذات وحب يتدفق كالنهر الجاري، تضحية بلا مقابل، تتويج لمحبة مثالية صادقة وبلسم لكل الجراح، وما زال كما كان دار الوفاء مزاراً ونبعاً لأهل الوفاء، ومن يعطش يأتي ليرتوي ويملئ جراره..
ماذا عن الحرب..صلينا ليبعدها الله عنا،الحمدلله
بعدت بوجود عقال وطنيين حقيقيين، لكن كانت وما زالت فتنة نائمة( ملعون من يوقظها) وهي كانت لتعم الأرض، وتضطرب لوجودها جوانب الحياة، ويدفع ثمنها الشعب ليتجرع الأمّرين ويموت سريرياً في عتمتها الغريبة..
ماذا عن السلام..يقف في حيرة يحاول الإستقرار
يتودد للحوار، الذي يدعو اليه العقال فيعشق الهدوء، يُهادن الليل، يشتاق لأسراب الحمام، يحاول جاهداً خلع ثوب الفرقة والإختلاف..
أما وطننا..أصبح كشيخ تائه فقد طريقه، بعد أن خذلهُ بعض أبنائه ببن العصيان والمغالاة..!!
نعم..بوجود التفكك والتشرذم الداخلي في وطننا
بالإضافة إلى الطامعين بأخذ قرارنا، ويلحقوا الأذى بنا، وهنا بيننا اصعب من ما هو بمكان ما على وجه الأرض، هو عدو خطير، أي الظلم والفساد والكذب والطغيان الذي يصنع للشعب فقر وجوع ومرض وإنتحار وموت وفوضى وإنهيار وتشريد وضياع، ويجعلنا وطناً وشعباً في طي النسيان، وهو الذي يريد أن يحيا على حساب موتنا، ويريد أن يستمر ويبقى كيانه الصغير على حساب زوال وفناء وطننا..
وما زلنا في الوطن، عند أي خلاف دولي نتأثر ونتوتر داخلياً، إذ بعض الأطراف تعتبر نفسها هي المعنية مباشرة، وعلى ضوء إعلان أي اتفاق دولي كلّ طرف في لبنان يرى أنه هو المنتصر..
وفي كلتا الحالتين الوطن هو وحده المعاقب..
نعم..في لبنان كثيرة هي الأحزاب والتيارات، الشعبية، والشعبوية، والعلمانية، والمذهبية، لكن معدودة جداً، من بين هذه الأحزاب، أو التيارات التي قامت على أساس برنامج اصلاحي حقيقي
أو رؤية مستقبلية،أو حتى نشر ثقافة المواطنية
ويغرس في الجيل خطورة التجاهل والتسرع..
لذلك نشأ جيل، هو ربيع الوطن ومستقبله ولهم آماله، وحقوقه، التي تحطمت بعضها من أزمات الوطن المتراكمة، والأسباب عديدة، لكن هذا الجيل، يعرف بكل شيء إلا الرموز الوطنية، أي غير مدرك خطورة أي مرحلة وأهمية التضحيات
التي قدمها احياء وشهداء كانوا في صناعة تاريخ الوطن، فحاولوا أن يغيبوها أو يتجاهلوها
لكن عدم اداركهم، ارتد عليهم يوماً بعد يوم..
وولدت الثورة المنتظرة، وجاؤوا الثورجيين..
وليس هناك من فَضْلٍ بإظهار وجه الثورجيبن لأحد من المعاصرين، بل الفضل للسلطة الحاكمة نفسها فهي بسوء تصرفاتها، من كشفت اخطاؤها واظهرت قبح مشروعها وقدمت نفسها بثوب عنصري أحادي، فعرفوها وعرفوا فضل وجهد وأهمية هزيمتها وإقامة جمهورية على انقاضها..
ولدت الثورة..وكانت حاجة للوطن، ولكن..!!
إنتظرنا أن تظهر عصا موسى بيد روادها..!!
ولكن أيضاً كان شعارهم بعد فترة ما خلونا..!!
لأن الثورة التي ولدت..نحرت مرتين..
مرة لعدم وجود وحدة قيادة وقرار وشعار..
ومرة أخرى من بعضى الذين إدعوا تمثيلها..
ما كنا نخشاه ان لا تُنحر مرة ثالثة بإحتضانها من قبل بعض الساسة والأحزاب، الذين اصبحوا من أهل عفة وإصلاحيين ومنظرين، وهذا ما حصل..
يا معلمي..الثورة التي قد كُتِبت على صفحات..!!
كانت ستنجح لو سارت فعلاً وليس قولاً بمسار
برنامجك الوطني الإصلاحي، وبصدق النوايا..
وسيبقى فكرك نبراس لكل ثورة وطنية حقيقية..
وهذا هو حال لبنان في آلامه وحاضره وواقعه..
في النهاية..سلام لروحك يا معلمي رحمك الله..
الله يرحم كل الشهداء الأحياء..
الله يرحم كل الأحياء ويغمرهم برحمته ورضاه..
ليبقى وطننا وشعبه واحباؤه، يستحقون الحياة..