ظهرت على مستوى النظام النقدي العالمي، ظاهرة العملات الرقمية المشفرة كالبيتكوين ومثيلاتها على مستوى التعاملات محلية ودولية، على الرغم من انها عملات تشفيرية ليس لها وجود مادي، ويمكن التعامل بها فقط عن طريق الإنترنت، ولا تصدر عن جهة رسمية ولا تخضع لرقابتها. حيث كان الهدف الرئيسي من وجود هذه العملات عند صدورها أن تحل محل النقود القانونية التقليدية وتكون بديلة عنها، وبالفعل حظيت هذه العملات بقبول كبير بين الناس وأصبحت تقبل كوسيلة للدفع لدى العديد من المؤسسات. على الرغم من مجهولية الشخص المصدر لها او المتداول بها، ولا تخضع لنطاق جغرافي معين نظراً لطبيعتها الإلكترونية وكونها تتداول من قبل أي شخص في العالم أينما كان عن طريق شبكة الانترنت.
فكان لزام على الجهات العامة والخاصة من القاء الضوء عليها والوقوف على أبعاد فكرة العملات الرقمية المشفرة في الوقت الذي يتعاظم فيه دور العملات المشفرة في العالم، بحيث أصبح من الصعب على الحكومات تجاهلها، فبالرغم من وجود الحماية التقنية الكبيرة للعملة الرقمية المشفرة إلا أنها عرضة للعديد من المخاطر التقنية والقانونية، ومن أبرزها غياب حماية المستهلك بسبب عدم وجود حماية تنظيمية وإطار قانوني لتغطية الخسائر، بالإضافة إلى التقلب السريع للعملة الرقمية المشفرة، وإمكانية استخدامها لأغراض غير مشروعة. الأمر الذي يستدعي قانونية وإيجاد وسائل للحماية من أخطار هذه العملة، وإيجاد قواعد تنظم استخدامها.
وعليه بادر المركز الدولي الخليجي على تسليط الضوء على هذه العملات الرقمية من خلال مؤتمر (العملات الرقمية بين افاق المستقبل وتحديات القانون)، حيث تكمن اهمية هذا المؤتمر في معرفة ماهية العملات الرقمية المشفرة كونها شكل من أشكال العملات الرقمية، وبيان كيفية عملها لتحديد إيجابياتها وسلبياتها، وطبيعتها القانونية، فوجودها هو أمر واقعي وحقيقي لا يمكن إنكاره أو تجاهله، والتعامل الفعلي بها يدل على مكانتها في حاضرنا وينبأ عن مستقبلها الكبير رغم عدم وجودها المادي، وعدم تبعيتها لجهة معينة وعدم صدورها من جهات رسمية.
ويناقش المؤتمر من خلال مواضيع جلساته الثلاث، التكييف القانوني المناسب للعملات الرقمية المشفرة وكيفية تعامل التشريعات الوطنية والدولية التي تنظم التعامل بها، وتجعله تعاملًا آمناً. حيث يتم النقاش في الجلسة الأولى حول الابتكار المالي والاقتصاد الرقمي، اما الجلسة الثانية خصصت لبحث الاطار القانوني لتنظيم العملات الرقمية، اما الجلسة الثالثة تناقش التحولات الرقمية والتحديات القانونية، يسعى المركز من خلال هذا المؤتمر الى إيجاد الحلول القانونية امام هذه الظاهرة في ظل وجود الفراغ التشريعي الوطني والدولي الذي يحكم وينظم التعامل بالعملات الرقمية المشفرة في ظل انتشارها وتطورها بشكل كبير، بالإضافة إلى تداولها من قبل المتعاملين دون غطاء قانوني، فالقانون في بعض الدول لم يمنع التعامل بها من قبل الأفراد، ولم يضع أسس لحماية المتعاملين بها، فلا يوجد جهات مختصة تشرف وتراقب التعامل بهذه العملات، خاصة كونها تصدر عن جهات غير رسمية. لذلك لابد من دراستها وفهم ماهيتها وتكييفها قانوناً سعياُ للتصدي لها وبيان مدى إمكانية قبولها أو منعها من التداول وإيجاد أحكام قانونية مناسبة لها.
المستشار الدكتور
فارس بن محمد الشمري










إرسال تعليق