العدو الواحد والتناقضات السياسية بين العداء للصهاينة والفوضى الإقليمية

كتب: عدنان مفلح البداوي
في ظل التحديات الإقليمية التي تواجه منطقتنا العربية، لا يسعنا إلا أن نتوقف عند الدور الذي تلعبه بعض القوى والمليشيات المدعومة من الخارج في زعزعة استقرار دول الجوار. فقد شهدنا ما ارتكبه النظام السوري والمليشيات الإيرانية من جرائم في حق الشعب السوري، والتي لم تقتصر فقط على المذابح والتدمير، بل امتدت إلى خلق حالة من الفوضى والفتنة التي تهدد أمننا في الأردن والدول المجاورة.
إن المحاولات المستمرة لخلق فوضى داخل الأردن وتهديد حدوده الشمالية ليست أمراً يمكن تجاهله، خاصة وأن تلك القوى المدعومة تعمل على استغلال الصراعات الإقليمية لتحقيق مصالحها الضيقة. هذا المخطط يتجاوز سوريا ويهدد استقرار الدول العربية ككل. ومع ذلك، ورغم الجرائم التي ارتكبتها هذه الأطراف، نجد أنفسنا في موقف متناقض حين يتعلق الأمر بموقفها العدائي تجاه الكيان الصهيوني.
قد نتفق مع تلك القوى في موقفها من الاحتلال الصهيوني، حيث إن العداء المشترك ضد الصهاينة يوحد الكثيرين، ويجعل هذه القوى تبدو في بعض الأحيان وكأنها تقف في صف المقاومة. لكن يجب أن نضع الأمور في نصابها الصحيح؛ لا يمكن أن نغفل عن الفوضى التي تسعى هذه القوى لزرعها في منطقتنا، وكيف تستغل العداء للصهاينة كغطاء لمخططاتها الأخرى.
من ناحية أخرى، وعلى الرغم من العداء التاريخي والمستمر للكيان الصهيوني، فإن عملية اغتيال أحد رموز تلك القوى بتلك الطريقة قد خلقت نوعاً من الغطرسة غير المسبوقة لدى العدو. بعيداً عن العواطف، يجب أن نعترف بأن تلك العملية، وعلى الرغم من إرضائها لعديد من الأطراف، قد منحت العدو الصهيوني نصراً معنوياً. تلك الحادثة ساهمت في توحيد صفوفهم، وزادت من تماسكهم الداخلي، وهو ما يعد خطراً على مستقبل المنطقة ككل.
في النهاية، نجد أنفسنا أمام تناقضات معقدة؛ عداء مشترك للكيان الصهيوني، لكنه مغلف بأجندات تسعى لخلق الفوضى والفتنة داخل بلداننا. يجب أن نتعامل بحذر مع تلك القوى وأجنداتها، وندرك أن عداءها للصهاينة لا يجب أن يكون سبباً لتجاهل ما ترتكبه من جرائم ومخططات تهدد أمننا واستقرارنا.