المخرج صلاح إسعاد: “سولا” فيلم واقعي وصادق يناقش قضية هامة
كتبت – ولاء مصطفى
تدور قصة الفيلم حول سولا وهي أم عزباء، يطردها والدها من بيت العائلة لتجد نفسها ورضيعها بلا مأوي، تحاول سولا إيجاد مكان آمن فتضطر لقضاء الليلة تتنقل من سيارة لأخرى مع عدة أشخاص، وطوال ليلة مليئة بالأحداث بين شوارع الجزائر، تحاول سولا أن تغير مصيرها ولكن للقدر رأي آخر
حوار حصري مع المخرج الجزائري صلاح إسعاد حول فيلمه السينمائي الجديد “سولا” الذي عرض بعدد من المدن المغربية
يصنّف موضوع فيلم "سولا" ضمن الطابوهات في الجزائر، كيف استقبل الجمهورالفيلم عندما تم عرضه بالجزائر هل تعرض للانتقادات او اثار جدلا؟
الكل يعلم أن صورة الأم العازبة في مجتمعاتنا العربية سلبية جداً. فيلم سولا يعالج هذه القضية بطريقة صادقة وواقعية وبدون أي بروباغندا. في بداية الأمر كنت متخوفاً من كيفية تلقي الجمهور الجزائري للفيلم لكن يوم العرض الأول بالجزائر، سعدت وانبهرت في نفس الوقت لمدى تقبل الجمهور الجزائري للفيلم. رغم جرأة أو قسوة بعض المشاهد إلا أن هذا الجمهور كان ذكياً وذواقاً. فلم يتوقف عند هذه التفاصيل. بل ركز في لب الموضوع وتفهمه. وصلتي الكثير من الرسائل ممن شاهدوا الفيلم والذين عبرو لي عن مدى إيمانهم بصدق الفيلم.
✓ في نظركم ما هي أهم أسباب انتشار ظاهرة الأمهات العازبات؟
أظن أن هذه الظاهرة ليست جديدة، أسبابها الكل يعرفها، هناك من أغتصبت، وهناك من غُرر بها ونجد أيضاً من البنات اللواتي ربما لظروف عائلية رُمين بالشارع الذي لا يرحم. منذ صغري وأنا أصادف حالات كهذه، أتذكر حين كنت في سن العاشرة وأنا عائد من المدرسة وجدت رضيعاً مرمياً داخل بيت مهجور في علبة من الكارتون يبكي. بالتأكيد هذا الطفل أنجب خارج إطار الزواج وتركته أمه التى لم تتمكن من تحمل هذا (العبء).
ربما كان هذا الطفل محظوظاً لأني وجدته وقدمته لجارتي التي اتصلت بالشرطة، لكن هنالك الكثير من الأطفال الذين عثر على جثثهم وأحيانا حتى في القمامة. لهذا يجب على عائلات الأمهات العازبات التفكير بطريقة منطقية وإنسانية لاحتواء بناتهم بدلاً من رفضهم. لأن في نهاية المطاف من يدفع الثمن وللأسف هو ذلك الجنين البريء الذي يجد نفسه ضحية مجتمع يرفضه وينعته باللقيط.
الفيلم مستوحاة من قصة حقيقية عاشتها بطلة الفيلم "سولا بحري" واخترت أن تكون بطولة الفيلم من أداء البطلة الحقيقية للقصة ربما لإعطاء مصداقية أكبر لعملك السينمائي الم يكن هذا الاختيار مجازفة بالنسبة لك على اعتبار ان بطلة الفيلم وجه جديد ولا علاقة لها بالتمثيل؟
حين اتصلت بسولا لأول مرة كان لجمع بعض القصص والأحداث التي عاشتها من أجل كتابة السيناريو. في ذلك الوقت طلبت مني سولا أن أعطيها الدور. كانت بالنسبة لي مجازفة كبيرة لأن الدور يحتاج لممثلة ذات خبرة. حين سألت سولا إن كانت قادرة على آداء هذا الدور، أجابتني وبكل عفوية أنها تعودت على التمثيل في حياتها اليومية. التمست فيها الكثير من الجرأة والإرادة. طلبت منها في بداية الأمر أن تشاركني في كتابة السيناريو وهنا انبهرت بأداءها المتمكن والواقعي لكل حوار اقترحته عليّ. هنا بدأ مشوار سولا بحري الممثلة.
"سولا بحري " هو الاسم الحقيقي لبطلة الفيلم واحتفظت بنفس الاسم في الفيلم ما تعليقكم؟
سولا بحري اسمها الحقيقي سهيلة ولكن كل الناس تناديها سولا. في بداية الأمر كنت أريد أعطي اسم آخر للشخصية، وحين تبين لي أن سولا بحري هي من ستلعب الدور تكلمت معها في إمكانية الاحتفاظ باسمها الحقيقي. تقبلت الأمر بشكل كبير خاصة أن الفيلم مستوحى من حياتها، اسمها الحقيقي يعطي واقعية أكثر للفيلم لاسيما وأن أم سولا التي ربتها هي من أعطتها هذا الاسم لهذا أرادت سولا أن ترد الاعتبار إلى تلك المرأة التي احتضنتها بعدما تخلت عنها أمها البيولوجية وهي حديثة الولادة.
ما سبب استخدامكم كلمات جريئة في الحوار بين الشخصيات، وعبارات غير لائقة تتعارض وطبيعة مجتمعاتنا العربية المحافظة هل ان توظيفها سيخدم العمل من خلال إضفاء الواقعية عليه ام رغبة منكم في خلق أكبر قدر من الإثارة ؟
أود أن أشير إلى أنني أنتمي إلى عائلة محافظة، وبكل صراحة من الصعب أن أتخيل عائلتي تشاهد فيلمي بتلك الألفاظ النابية، في بداية الأمر حاولت مع الممثلين تجنبها كليًا، أتذكر في أول مشهد تتلفظ فيه إحدى الشخصيات بكلام الشارع طلبت من الممثل أن يستخدم كلمة أقل جرأة، ففي أول محاولة تبين لنا أن المشهد ليس واقعياً، بل سخيف إن صح التعبير.
حينها لم يتمالك أحداً نفسه من الضحك لسخافة المشهد وكأنه الترجمة العربية الركيكة للأفلام الأجنبية.
هنا قررت الاستغناء عن تلك الفكرة وتصوير المشاهد مثلما تجري في واقعنا الذي نسمع هذه الألفاظ تحت نوافذ بيوتنا، فالفيلم يُعرض في قاعات السينما لا يبث في القنوات، أنا لا أجبر أحداً على مشاهدته.
يلعب الديكور دورا محوريا في أي عمل سينمائي، ويعتبره جل النقاد الشريك الأساسي لكل من المخرج وكاتب السيناريو لأنه يعد من بين العوامل الأساسية التي من الممكن ان تحدد نجاح أو فشل اي فيلم
في “سولا” لم تعتمد على ديكور متنوع و اكتفيت بتصوير مشاهده داخل مكان منغلق و هو السيارة و هذا النوع من الديكور من الممكن ان يصل بالمشاهد و المتلقي الى الملل هل هذا اختيار متعمد فرضه عليك الحالة الدرامية للفيلم ام ماذا ؟
أنا كمخرج أحب السينما المستقلة التي لا تتطلب ميزانية كبيرة، تصوير الفيلم بهذه الطريقة لا يتطلب ديكورات مكلفة، كل ما في الأمر سيارة وممثلين، الشيء الذي جعلني أصور الفيلم بتكلفة بسيطة.
إضافة إلى ذلك السيارة تلعب دوراً مهماً في يوميات الشاب الجزائري، فهي بمثابة ملجأ له يمكنه من فعل كل ما يشتهيه من ممنوعات. أما بالنسبة للمتفرج، أردت أن أغلق عليه داخل السيارة طوال الفيلم ليشعر بما تشعر به سولا من انسداد لسبل النجاة من هذا المصير البائس.
للسينما أدوارا متعددة منها الترفيهي ومنها التوعوي، ومنها كذلك التثقيفي، و طرح وإثارة النقاش حول قضية او ظاهرة، و لا تقدم حلولاً، لأن دور المبدع ينحصر في