The Buzz Magazine
The Buzz Magazine

في حضرة صابر الرباعي: حين يتحوّل الغناء إلى مرآة للروح

متابعة الحبيب بنصالح تونس

الحمامات: بقلم ايمان السويلمي

في سهرة 2 اغسطس في مهرجانٍ الحمامات الدولي الذي لا يشبه إلّا ذاته، وفي مدينةٍ تكتفي برائحة البحر ونبض القصبة لتصير مسرحًا للحلم، صعد صابر الرباعي ركح “الحمّامات” ليلة كمن يعود إلى عائلته، لا إلى جمهور.
انطلقت السهرة بأغنية “برشا”، ولم تكن مجرّد افتتاح، بل إعلان حالة: برشا حبّ، برشا وجع، برشا موسيقى.

تلتها “دلولة” التي غنّاها صابر كما تُقرأ قصائد نزار، ثم “مزيانة” التي بدت كأنّها غمزت للجمهور، فابتسم الركح.
ولأنّ الحنين لا يُروى دون حكايات، عاد بصوته إلى “تمنّيت”، و”ببساطة”، و”عز الحبايب”… أغنيات تحوّلت من ألحانٍ إلى مرايا نُطلّ منها على أعمارٍ مرّت ذات حبّ.

في “عشيري”، غنّى عن الحبّ كما لم يغنّه أحد: لا تكلف، لا تصنع… فقط صدقٌ ينزلق من بين الحنجرة إلى القلب دون إذن.

صابر، الذي يعرف كيف يوازن بين الوفاء للماضي والانفتاح على الجديد، فتح دفاتر الطرب الشرقي ليؤدّي “تفتكر”، “على نار”، و”عزّة نفسي”، محافظًا على أناقته الغنائية، وإن تغيّرت الألوان.

ثم انتقل بنا إلى محطّاته الأحدث: “ماذا لو”، “اختارك”، و”ولا كلمة”، حيث كانت الكلمات مشتعلة بالأسئلة، والحبّ ناضجًا لا يطلب تفسيرًا.
واختتم بـ”خلّص ثارك” و”صيد الريم”، كمن يقول إنّ الفنّ لا يُختَتم، بل يُترك في الهواء معلقًا، ليواصل الناس دندنة ما بقي منهم على مقاعد الحنين.

ليست هذه حفلة… بل نُسخة سمعيّة من الشعر.
لم يكن صابر الرباعي يقدّم عرضًا، بل يقدّم نفسه، تاريخه، ومصالحة نادرة بين الجيل الذي كَبُر على الطرب، والجيل الذي يبحث عن المعنى خلف اللحن.

في تلك الليلة، لم يُطرّز صابر الرباعي الحروف بالنغم فقط… بل جعلنا نسمع اللغة العربية كما لم نسمعها من قبل: رقراقة، عاشقة، وصادقة.
تمامًا كما يجب أن يكون الفن… حين يكون مرآةً صافيةً للروح.

إشترك في نشرتنا الإخبارية
اشترك معنا للتوصل بآخر الأخبار، المقالات والتحديثات، ترسل مباشرة لبريدك الإلكتروني
يمكنك سحب اشتراكك متى شئت

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.