أفاق نمو السوق المصري في اصدار السندات الخضراء وفقا لمعايير التنمية المستدامة
بقلم د.محمد عبد العزيز كاتب وباحث اقتصادي ومتخصص في الشئون الافريقية

يعد السند الاخضر أداة ممتازة لتنويع مصادر الدين الخارجي بالنسبة للدول وتصدر الدول تلك السندات بهدف تمويل المشروعات الاقتصادية التي لا تضر بالبيئة والمناخ وذلك فقا لمعايير الاستثمار الاخضر التي حددها البنك الدولي
ومن أمثلة تلك المشروعات :
. مشروعات الطاقة المتجددة
. مشروعات رفع كفاءة استخدام الطاقة
. مشروعات تحسين الإدارة المستدامة للنفايات
. مشروعات الاستخدام المستدام للأراضي
. مشروعات النقل النظيف
. مشروعات تحسين الإدارة المستدامة للمياه
. مشروعات الزراعة النظيفة
. مشروعات التكيف مع تغير المناخ والمدن الجديدة
تشمل أهداف التنمية المستدامة مجموعة من 17 هدفا عالميا اتفق عليها زعماء 193 بلدا في عام 2015 وتتنوع ما بين التعليم و الصحة والمدن المستدامة وغيرها من الاهداف التنموية الصديقة للبيئة والانسان وهو ما يتماشى مع مبدأ ومنهج إصدار السندات الخضراء والتي يتم إصدارها بهدف تمويل المشروعات الصديقة للبيئة والتشجيع على التوسع في الاقتصاد الأخضر الى جانب جذب المزيد من الاستثمارات الأجنبية للاستثمار في المشروعات الخضراء ، وفي عام 2007 تمت اول عملية إصدار للسندات الخضراء من خلال البنك الدولي من طرف البنك الأوروبي للاستثمار بقيمة 600 مليون يورو ، وقد لاقى الإصدار الأول للسندات الخضراء قبولا واستحسانا من قبل العديد من المستثمرين والمؤسسات التي تهتم بقضايا البيئة والمناخ وساعد إصدار السندات الخضراء في زيادة الوعي بقضايا البيئة والمناخ حول العالم ، وبالنظر إلى سوق السندات الخضراء نجد أنه تعدد ليشمل أنواع إجتماعية وأخرى مميزة وأصبح حجم السندات الخضراء المميزة يزيد على 500 مليار دولار خلال السنوات العشر الماضية .
تلى الإصدار الأول للسندات الخضراء في عام 2007 عدة إصدارات أخرى ( أكثر من 150 إصدار ) بإجمالي يتخطى
13 مليار دولار أمريكي تم إصدارها بعشرين عملة لصالح مستثمرين من المؤسسات والأفراد في كافة أنحاء العالم وأصبحت تمثل السندات الخضراء نقطة الإنطلاق حول الاقتصاد الاخضر ومعايير الاستدامة المختلفة بيئيا واقتصاديا ولازالت الفرصة للنمو والتوسع في إصدار تلك السندات كبيرة جدا لتمويل مشروعات إجتماعية ومشروعات صديقة للبيئة تخدم وتحقق أهداف التنمية المستدامة بالتنسيق بين الحكومات والقطاع الخاص ومنظمات المجتمع المدني .
تراعي مصر في مشروعاتها في السنوات الأخيرة خاصة منذ تولي السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي الرئاسة ما يلي:-
. المشروعات ذات الطابع الإجتماعي والإنساني . المشروعات الصديقة للبيئة
وذلك يتضح من خلال ما يلي :-
. رؤية مصر 2030 . برامج الاصلاح الاقتصادي والإجتماعي المصري بداية من 2016
ومما تقدم بيانه يمكن النظر إلى الإستثمارات في مصر في كلا الجانبين الإجتماعي و الصديق للبيئة على أنهما دفتي تحقيق مباديء وأهداف التنمية المستدامة في مصر في السنوات الأخيرة ؛ لذلك قامت مصر باستحداث اداة التمويل الجديدة في القطاع غير المصرفي (سوق الاوراق المالية) عام 2018 من خلال إستحداث أحكام جديدة باللائحة التنفيذية لقانون سوق رأس المال المصري بهدف توطين المشروعات الصديقة للبيئة في مصر وجذب الاستثمارات الاجنبية والعربية لتلك المشروعات وبهدف تحقيق أهداف التنمية المستدامة الى جانب تعبئة المزيد من المدخرات والتوظيف الامثل للموارد من خلال أداة تمويل جديدة صديقة للبيئة ، وتجدر الاشارة الى تزايد الفرص المتاحة للتوسع محليا وعالميا في سوق السندات الخضراء يوما بعد يوم مع زيادة الوعي المحلي والعالمي بقضايا البيئة والمناخ وتسعى مصر لتوطين مشروعات الاقتصاد الأخضر في المدن الجديدة والمناطق الاستراتيجية الواعدة مثل العاصمة الإدارية والمنطقة الصناعية لمحور تنمية أقليم قناة السويس .
تعد أهم مميزات السندات الخضراء أو سندات المناخ كما يسميها البعض أنها ضمن فئات الأوراق المالية ذات الدخل الثابت والتي يمكن تسويقها في كافة أسواق المال إلى جانب مراعاتها للجوانب البيئية والمناخية وحقوق الأجيال القادمة من خلال معايير الإستدامة ونشر الوعي بالبيئة والمناخ ، وشكلت الولايات المتحدة والصين وفرنسا 56% من إجمالي الإصدارات الخاصة بالسندات الخضراء في عام 2017 ، وانضم عشرة أعضاء جدد لمبادرة سندات المناخ في عام 2018 هم الأرجنتين وتشيلي وفيجي وليتوانيا وماليزيا ونيجيريا وسنغافورة وسلوفينيا وسويسرا ودولة الإمارات العربية المتحدة .
تطبق مصر معايير السندات الخضراء في أكثر من 10 مواقع ومدن جديدة بالفعل بهدف تقليل الانبعاثات الكربونية والتكيف مع التغيرات المناخية والحفاظ على التنوع البيولوجي والاستدامة البيئية ومن المتوقع زيادة المشروعات الصديقة للبيئة مع توالي إصدارات وطرح السندات الخضراء في مصر ولتيسير إصدار السندات الخضراء في مصر قامت هيئة الرقابة المالية باعفاء المصدرين للسندات الخضراء من 50% من رسوم خدمات الفحص بالهيئة وتقوم مصر خلال العام الحالي 2020 بأول طرح للسندات الخضراء في افريقيا والشرق الأوسط بقيمة 750 مليون دولار أمريكي ولقد تجاوز حجم الطلب على شراء تلك السندات حتى منتصف اكتوبر 2020
أكثر من 7 مرات لحجم الطرح ذاته وسوف يكون عائد تلك السندات 5.25% لمدة خمس سنوات وجائت نسب وجنسيات المستثمرين كالتالي 47% من أوروبا ، 41% من الولايات المتحدة الأمريكية ، 6% من شرق أسيا ، 6% من الشرق الأوسط ومن المرجح إستكمال عملية الإصدار لتغطية إستثمارات بإجمالي يتخطى 2 مليار دولار أمريكي في مصر ومن المرجح ليس التوسع في تلك السندات في مصر فقط ولكن التوسع على مستوى العالم أجمع وهذا يتضح من خلال تتبع حجم إصدار تلك السندات خلال العشر سنوات الأخيرة فضلا عن ذلك فإنه تم خفض 50 نقطة أساس لسعر العائد على السندات الخضراء في مصر نظرا للطلب الكبير الذي تخطى 7 أضعاف الطرح الأول بما يجعل السندات الخضراء أداة تمويل ممتازة ووسيلة جيدة لخفض حجم الدين الخارجي بالنسبة للدولة المصرية .