أم عيسى الفلسطينية

بقلم: يوسف علاري
*مخرج سينمائي فلسطيني
حبا الله فلسطين بقدسية خاصة ومكانة عظيمة في قلوب المؤمنين، فهي أرض الرسالات ومهد الأنبياء.
على أرض فلسطين المباركة ولد العديد من الأنبياء والصالحين وعلى ذات الأرض الطيِّبة ولدت الفتاة الفلسطينية مريم التي صارت فيما بعد تعرف بالسيدة مريم العذراء أم نبي الله وكلمته المسيح عيسى ابن مريم عليهما السلام.
تنتمي السيدة مريم عليها السلام لأطهر وأشرف عائلة شهدها التاريخ وهي العائلة الفلسطينية آل عمران التي شرفها وكرمها الله عز وجل بسورة في القرآن الكريم ألا وهي سورة آل عمران ﴿إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى آدَمَ وَنُوحًا وَآلَ إِبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ * ذُرِّيَّةً بَعْضُهَا مِنْ بَعْضٍ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ﴾ كما خص الله عز وجل السيدة مريم بسورة باسمها “سورة مريم” وهو شرف عظيم لم يُمنح لأحد غيرها من النساء.
يقول الله سبحانه وتعالى: (وَإِذْ قَالَتِ الْمَلَائِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَاكِ وَطَهَّرَكِ وَاصْطَفَاكِ عَلَىٰ نِسَاءِ الْعَالَمِينَ)
السيدة مريم العذراء حفيدة الرسل والأنبياء الذين ولدوا على الأرض المباركة فلسطين تحتل مكانة عظيمة عند المسيحيين والمسلمين على حد سواء، تعتبر السيدة مريم عليها السلام قدوة للنساء المسيحيات والمسلمات في الإيمان والعبادة وينظرن إليها كرمز مقدس.
سيدتنا مريم المصطفاة، التي شهد الله لها بالطهارة والعفة عن دون نساء العالمين، تعرضت من زمرة اليهود الأفاكين الملاعين لاتهامات خسيسة كالزنى، اتهامات طالتها في حياتها وأيضا بعد مماتها.
نفى الإسلام هذه الاتهامات جملة وتفصيلًا، لقد أثبت الله سبحانه وتعالى في القرآن الكريم براءتها من تلك التهمة الشنيعة وهذا الإفك المبين في أكثر من موضع، فنجد الله سبحانه وتعالى تارة يرمي اليهود بالكفر في معرض توبيخهم لاتهامهم السيدة مريم عليها السلام بالزنا فيقول: (وَبِكُفْرِهِمْ وَقَوْلِهِمْ عَلَى مَرْيَمَ بُهْتَانًا عَظِيمًا) وتارة يؤكد على حصانتها وطهارتها وشدة إيمانها فيقول: (وَمَرْيَمَ ٱبْنَتَ عِمْرَٰنَ ٱلَّتِىٓ أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهِ مِن رُّوحِنَا وَصَدَّقَتْ بِكَلِمَٰتِ رَبِّهَا وَكُتُبِهِ وَكَانَتْ مِنَ ٱلْقَٰنِتِينَ)
لم يكتفي اليهود باتهام السيدة مريم بشرفها وعفتها، بل تمادوا في إجرامهم فأنكروا نبوة ابنها عيسى عليه السلام الذي تكلم في المهد ليبرئ والدته قائلا: “إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آتَانِيَ الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيًّا” رغم هذه المعجزة العظيمة ناصبوه العداء واتهموه بالسحر والتجديف والكذب، وآذوه في الطرقات والمجالس، ونصبوا له الكمائن لقتله، لأنهم كانوا يخشون تعاليمه والنفوذ الذي حظي به عليه السلام بين أبناء الشعب الفلسطيني.
غدر وخيانة اليهود
كان لسيدنا عيسى عليه السلام تلاميذ من ضمنهم تلميذ يهودي اسمه يهوذا الإسخريوطي، اتفق هذا الأخير مع رؤساء الكهنة اليهود على تسليمهم سيدنا عيسى ليقتلوه مقابل ثلاثين قطعة من الفضة، خيانة يهوذا من أعظم الخيانات في التاريخ، جراء هذه الخيانة عانت سيدة فلسطين الأولى مريم العذراء وابنها عيسى عليهما السلام الكثير من الألم والقسوة.
ما زالت فلسطين موطن الأنبياء والأطهار تعاني من مرارة الخيانة، وقسوة الاحتلال الإسرائيلي، وما زال الشعب الفلسطيني يتجرع ألم بطش العدوان الغاشم، الذي لا يرحم صغيرًا ولا كبيرًا، ويستهدف الإنسان والأرض والمقدسات والتاريخ.
ختاما..
نحن على يقين، أن لا سلام مع الذين آذوا السيدة مريم العذراء وابنها المسيح عليهما السلام.