الفنان التونسي محسن رأيس ومسيرة تالق لاكثر من نصف قرن


متابعة الحبيب بنصالح تونس
من مواليد هذا اليوم 14 فيفري سنة : 1936 – محسن الرايس، مغنّ، ملحن، مهندس معماري، ورسام تونسي.
- محسن الرايس (89 سنة)، يعتبر أحد روّاد الأغنية الخفيفة، فهو ينتمي الى جيل المجدّدين الذين رغم تحديثهم للأغنية التونسية واعتمادهم على تقنيات وآلات غربية عصرية ظلوا أوفياء للطابع التونسي وخصوصياته. أنيق، متعدّد الميولات والمواهب الفنية التي يجد فيها ذاته وتعكس شخصيته التي تأخذ من كل شيء بطرف… يُلقّب بصديق الفنانين لرحابة صدره وحبه الشديد لزملائه في الفن..
- ولد بتونس العاصمة وهو سليل عائلة مولعة بالفن والموسيقى أصيلة مدينة بني خيار. زاول تعليمه بالمدرسة الابتدائية الكائنة بنهج بوخريص، ثم بالمدرسة القرآنية بسيدي منصور. ثم تابع تعليمه العالي بمدرسة الفنون الجميلة اختصاص الهندسة المعمارية والرسم والنحت.
- اهتم بالفن والغناء منذ صغره، واكتشف مواهبه عازف القانون محرز عاشور الذي قدّمه لعازف الأكورديون محمود الثامري، ثم الى فرقة “نجوم المنار” بقيادة الفنان البشير جوهر والهادي الصنهاجي.
- برز للجمهور في أواخر خمسينات القرن الماضي إلى جانب عدد من مشاهير المطربين التونسيين خلال الحفلات الرمضانية التي كانت تقام بقصر الجمعيات الكائنة بشارع باريس (دار الثقافة ابن رشيق). لذلك نُشرت صورته على اللافتات الاشهارية مع مجموعة من الفنانين البارزين الذين سبقوه مثل علي الرياحي، فتحية خيري، ناريمان، يوسف التميمي، الهادي المقراني، محمد أحمد، صفية الشامية ونعمة.
- في 1959 سجل أول أغنية له بالإذاعة التونسية “قولولو” كلمات مختار فخري وتلحين موريس ميمون وأصبح يلقب بمغني الشباب في مطلع الستينات لما تميزت به أغانيه انفتاح على الموسيقى الغربية المنسجمة مع إيقاع العصر.
- في سنة 1961 هاجر محسن الرايس لباريس حيث استقبله بحفاوة كل من موريس ميمون ومنصور المجدوب وأحمد حشلاف، هذا الثلاثي الشهير الفاعل في الوسط الفني المهجري بفرنسا. وسرعان ما أقحموه بالوسط الفني وعرّفوا به. وإلى جانب ذلك وبالتوازي، أصرّ محسن الرايس على مواصلة دراسته العليا بمدرسة باريس للفنون الجميلة في نفس تخصصه الذي بدأه بتونس.
- في 1966 سجل أول أغنية بالتلفزة الوطنية عند انبعاثها بعنوان ” تعرفني نغير” كلمات عمارة المرسني وتلحين البشير جوهر وبذلك أصبح يشارك في المنوعات التلفزية.
- تمكّن في باريس من تسجيل أغنيته “في يوم الاثنين” بأسطوانته الأولى (قطر 45) بمعية عازف الكمان المصري الملحن عطية شرارة. عقبتها اسطوانته الثانية التي سجلتها له الشركة العالمية “باتي ماركوني” (Pathé Marconi) بإدارة صديقه أحمد حشلاف بأغنية “فتّح على خدّك وحفل” وهي من كلمات محمد صمود وتلحين أحمد حمزة.
- أدى محسن الرايس عشرات الأغاني التي لحنها له مشاهير الملحنين التونسيين مثل أحمد حمزة (زين المرسى)، عبد الحميد ساسي (بالعين)، علي الرياحي (غزالة في قلبي)، الشاذلي أنور (نظرة وزهرة)، محمد رضا (الله الله – نظرة الصبح) موريس ميمون (قولوله بالله)، منصور المجدوب (لونك خمري)، محمد أحمد (مالك ومالي)، الهادي الجويني (فزتي بالقد)، محمد التريكي، علي العيد، محمود الثامري (يا ستار ويلي منها)، البشير جوهر، عبد الحكيم بالقايد (يا ربي تدوم فرحتنا)، الناصر صمود (يا وخيّ)، الهادي مبروك، محمد سعادة، توفيق الناصر (قمر العشاق)، منذر بركوس (ربيع أحلامي) جمال بشة (اللي خذالك)، علي العيد (مغرورة – تحت النجوم) وحسن الغربي (أروى أروى) وغيرهم. ومن المصريين محمد الموجي (كان زمان)، سيد مكاوي (أميرة من المعمورة)، بليغ حمدي، عطية شرارة (خايف على حبي) وعزت عطية. والليبي كاظم نديم (ع الهجر) والجزائريين تايسي عطية، وعاقلي يهاتن وايدير. واللبنانيين نهاد طربية (موش قلت لي يا قلب) وسارج بريسّي، والسوري الفرنسي ميشال قنواتي، تيسير اكلا (يا شاري داله)….
- خلال وجوده بفرنسا اشتغل مطربا ومنشط حفلات بعدد من النوادي الليلية وأبرزهم “الجزائر” و”النوماد”، كما زار عديد العواصم الأوروبية لإحياء حفلات خاصة بالجاليات العربية وكذلك البلدان العربية منها مصر ولبنان والبلدان المغاربية.
- ومن أبرز مشاركاته الفنية الباريسية التي تميز فيها الحفلة التي أقيمت بقصر المؤتمرات وقاعة منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (Unesco) التي غنى فيها الجماهير بمعية الراقصة المصرية سامية جمال، وبقصرَي الرياضة بكل من باريس وليون، دون أن ننسى اعتلاءه ركح “الأولمبيا” (L’Olympia) الشهير بمعية عبد الوهاب الدوكالي و”ناس الغيوان”.
- يعدّ رصيده الغنائي أكثر من 196 أغنية سجل منها قرابة العشرين أسطوانة قطر 45، وأكثر من اثني عشرة أسطوانة قطر 33، مع خمسة عشر شريط كاسات متعاملا مع “باتي ماركوني” و”النغم” ونادي الأسطوانة العربية.
- أما في المجال السنيمائي فقد أدى أدوارا ثانوية منها في الفيلم الأمريكي “فرانتيك” (Frantic) إلى جانب الممثل العالمي “هاريسون فورد” (Harrison Ford). كما أنتج له “باللونة” المخرج بالتلفزة الفرنسية شريط فيديو وشركة “بوسي فيزيون” لصاحبها منصور المجدوب.
- رغم تقدمه في السن (89 سنة) لم يتوقف العطاء الفني لمحسن الرايس، فهو بصدد الاعداد لمشروع ألبوم جديد علما وانه حرص على تسليم المشعل لنهى رحيم، الفتاة الموهوبة ونجمة منوعة “ذو فويس” 2019 الشهيرة والتي تبناها فنيا واضعا تحت تصرّفها رصيده الغنائي وتراثه الفني في إطار مشروع تحديثي بتوزيع عصري يعتمد على التقنيات العصرية.
- تميز مشوار محسن الرايس الفني بالثراء والتنوع والانفتاح والتعصير في مجال الاغنية لذلك فهو يعتبر من المجددين للأغنية التونسية ما جعله محل اعجاب الجميع واهتمامهم ولقد أهلته مواهبه المتعددة لنيل عديد الاوسمة وشهادات الشكر والتقدير في العديد من المناسبات من لدن الكثير من البلدان وخلال باقة من التظاهرات الثقافية الهامّة.
- لم تتوقف هواياته عند هذا الحد، فهو صاحب مكتبة ثرية بالأغاني وصور الفنانين النادرة ونظرا لأهميتها والقيمة الفنية التي تكتسيها وهب جزءا منها للمكتبة الوطنية سنة 2014 كمساهمة منه لإثراء الأرشيف التونسي.
- المصدر : فاخر الرويسي – مجلة ليدرز العربية – 28 فيفري 2021. (مقتطف بأسامة الراعي