The Buzz Magazine
The Buzz Magazine

مَشْهَدٌ أُفُقِيٌّ

كتبت/رانيا الشخيبي

مَشْهَدٌ أُفُقِيٌّ
مَشْهَدٌ أُفُقِيٌّ

أضم قدمى إلى صدرى جالسة على الأرض، ومن ثم ابدأ تدريجياً بإيذاء نفسى.
صادقت من أقسمت أننى لن أستطيع أنْ أتنفس إن كانوا جوارى يوماً.
وامضيت ليالٍ أبكى فيها على مصائب لا تمت لى بصلة.
سهرت حتى الصباح لإنهاء كتاب جديد، دون أنْ أستطيع إفلاته من يدى ولو لحظة.
فكرت فى الانتحار مرات عديدة واقدمت على فعل ذلك مرتين.
تمكنت بسهولة على التنبؤ بكل ما يدور حولى، ولم أستطع ولو مرة أن أغيِّر الجزء السئ فيه.
أحبنى الكثير بجسارة وتهور ولخوفى من كل زائل لم أتمكن من مبادلتهم ذلك.
رأيت احتفاء الكثيرين بى عند رؤيتى، واحتفى قلبى بالكثير ايضا عند رؤيتهم.
أستطيع خلط الوهم بالحقيقة دوماً بشكل يصعب تجريد أحدهما من الآخر.
يعرقلنى تحفُّظى الزائد من أن أطلب ما هو لى بالأساس.


تأتينى الأشياء فوراً بعد أن أتمناها حتى يَخال لأصدقائى بأننى قادرة على سحر الأشياء والبعض أحياناً.
فرحت بانتصارات لم تكن لى أبداً، ولم استطع ولو مرة أن أرى انتصارى على أنَّه انتصار.
تعلق قلبى بالقدس على الرغم من عدم رؤيتى لها سوى فى أغلفة الكتب، المجلات، والجرائد.
أفتقد كل ما أستطيع أن أهديه ببراعة كاسرة قاعدة (فاقد الشئ لا يعطيه).
أمتلك من اللين دلاء ومن القسوة أوعية واعرف تماماً كيف سأوجه قوة كل منهما وعلى من.
ظهرت لكل اللذين يحاولون التقرب العدوانية الشديدة.


ودائما ما أدُس رسائل استغاثاتى فى الجلسات الحميمية على هيئة نكات سخيفة.
كل ما اتجاهله بشدة يؤلمنى بنفس شدة تجاهلى له.
صحيح أننى علمت مؤخراً عدم قدرتى فى تغيير العالم، لكن مازالت صرخات المستضعفين تصعق روحى.
رأيت جميلات كُثر يؤول مصيرهم إلى أبشع النتائج، ورجال فرسان غير معتدين بأنفسهم، وهذا بكل آسىً واقعنا الشَرِه.
ولأن كبريائى لعين يظهر حزنى دوماً بشكل أرستقراطى مرفه.
وعلى الرغم من أننى أكتب عن الحب دوماً، لم أعش ولو مرة قصة حب حميمية.


ولدت فى زمن ومكان خاطئ، لا أشبه هؤلاء الناس ولا يشبهوننى، هنالك مكان ما وشخص ما يشبهوننى بشكل متطابق سأصل لهم يوماً أنا على يقين بذلك وحتى أصل سأمارس قدرتى على التأقلم ببراعة.


كل من أقابلهم من المرة الأولى يخبروننى بأنى امتلك أكبر قدر من عنفوان الطفولة، البراءة، الحكمة، الجنان، الجرأة المفاجئة، والخجل الشديد المثير للاشمئزاز، امتلاكى الوفير من المتناقضات يصل لأقسى حد من الغرابة بشكل يصعب تخيله.


ولا شئ يشعرنى باليوفوريا/الايفوريا (Euphoria) سوى رائحة الكتب، اللعب تحت المطر، وأحضان الأطفال.
أمقت أى حزن لا يدفعنى للكتابة.
وأحب الأصوات التى تبث الطمأنينة فىَّ، أكثرهم صوت أبواى.
كشخص دؤوب على العيش وحيدا ائنس كثيرا بصحبة نفسى.


وأعتقد أننى مصابة بمتلازمة استوكهولم(Stockholm syndrome)، أجد نفسى دائماً أبرر للمجرم وأتعاطف مع العدو؛ ربما لم يجد من يمد يد العون له، ربما نكَّلَت به الحياة أشد تنكيلا، ربما لو كنت بنفس مكانه لكنت أسوأ من ذلك على الرغم من عدم جرائتى على ايذاء نملة.


العالم بأكمله لا يسعنى عندما ترقص روحى؛ أفرد كلتا يدىّ وأهِمًُ باحتضان كل الأشياء حولى.
أقدس البسطاء واستشعر دفئ وجودهم، وأكره المتكلفين ويصيبوننى بالاشمئزاز.
وأرى أنَّ الزمن لم يجود على سوى بصديقاتى، اتمنى أن لا تلعب بنا سنة الحياة يوما، الشئ الوحيد الذى لا أتخيله وأن حدثٌ لن استطيع تخطيه، فراقنا..

إشترك في نشرتنا الإخبارية
اشترك معنا للتوصل بآخر الأخبار، المقالات والتحديثات، ترسل مباشرة لبريدك الإلكتروني
يمكنك سحب اشتراكك متى شئت

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.