من مكتبنا بتونس ادارة المستشار الحبيب بنصالح
من أغرب و أخسّ ما كان ولا يزال يحدث قُبَيل بعض العروض الغنائية في مهرجاناتنا الدّوّلية ، هو تعمّد بعض”النّجوم” و خاصّة ” النُّجَيْمات” شراء الآلاف من التّذاكر بمالهم الخاصّ وتكليف من يوزّعها على النّاس لتبان المدارج ، ليلة الحفل ، مزدحمة ممتلئة و يُقال إنّها كانت سهرة ناجحة جماهيريا في أجواء رائعة غير مسبوقة..!
و عادة ما تكون هذه العروض متوسّطة أو لنقل رديئة من النّاحيّة الفنّية البحتة ، إذ يكثر فيها الحطّ والنطّ و اللّغط و التّهريج و الصّخب و النّشاز و العبث بحُرُمات الرّكح و ثوابت المغنى….. لكنّ هذا الإنحراف و تدنّي مستوى جميع نواميس الإحتراف لا يهمّ ما دامت المدارج معبّأة و الجماهير مرصوصة منتشيّة متراقصة متفاعلة ….
أمّا الأغرب و الأقرف في الأمر أنّه ، و بعد إنتهاء هذه المهزلة وهذا النّجاح الجماهيري “المضروب” المُشْتَرى بالخدْعة ، و لنقُلها صراحة ، بالغشّ و المغالطة و الرّشوة ، بعد هذه الكذبة ، إذًا ، والمسرحية التّافهة السّيئة و النّجاحات المعلّبة المريبة الملفّقة ، تأتي نجمتنا المتألّقة المتبخترة المتلألئة لتقول ،دون حرج و لا خجل، إنّ سهرتها كانت أنجح سهرة و الجماهير الغفيرة الحاضرة ليلتها دليل قاطع على رقيّ فنّها و عظمة شأنها و شرعية تربّعها على عرش الأغنية و عُلُوّ مكانتها عند جماهيرها المُحِبّة الوفيّة المتيّمة و الحاضرة ” تلقائيا ” بالألوف المؤلّفة!! هذه ، إذًا ، طريقة من طرق التّحيل الفنّي المباح الجليّ في هذا العصر الأصمّ الآسن العَفِن الغبيّ …